ثورة 25 يناير.. ثورة الحرية

ثورة 25 يناير.. ثورة الحرية
ثورة 25 يناير.. ثورة الحرية

الجمعة، 18 مارس 2011

مقال من رئيس التحرير فى جريدة الجمهورية



بعد أن تهدأ الأمور وتصفو النفوس يتطلع الناس إلي ثُقاة يقولون كلاماً موضوعياً عن 30 عاماً مرت علي مصر.. ثلاثة عقود كيف كانت تُحكَم مصر؟!.. مَن قال كلمة حق ومَن حجبها؟!.. كيف كان الرئيس السابق يتعامل مع خصومه أو معارضيه؟!.. ما هي أسباب الخلافات الحقيقية بين رجال الحكم بعضهم البعض؟!.. ولماذا دخلت مصر في نزاع مع دول عربية وهادنت دولاً أخري؟!.. هل حدثت خيانات وتم إفشاء أسرار عُليا لإسرائيل كما ردد البعض؟!.. أم أن هناك أدواراً وطنية لعبها بعض رجال الحكم لإنقاذ الفلسطينيين؟!
هذه المذكرات ستكون أمانة في يد من يكتبها. لذلك لا يصح أن يدونها أحد رجال الرئيس السابق. أو أحد خصومه. بل لابد أن يُعهد بها إلي رجل أمين.. وليس هناك من هو أكثر أمانة من د.أسامة الباز. المستشار السابق للرئيس السابق.. سيقول كلمة الحق بغض النظر عن قسوتها أو حلاوتها.. كلمة تحتاجها أجيال ثورة 25 يناير لعدم تكرار الأخطاء وللتعلم من دروس التاريخ.. د.أسامة الباز يعرف حكايات عن وزراء. وأطباء. وأمراض عاني منها الرؤساء ولم يتكلموا.. فالرئيس عندنا لا يمرض إلا بالأنفلونزا.. المذكرات تحتاج أيضاً شهادات من الأطباء الذين صاحبوا الرئيس السابق طوال 30 عاماً.. كيف كان يعاملهم.. وإن كان أكبرهم وأشهرهم د.طه عبدالعزيز قد توفي قبل ثلاثة أعوام. إلا أن هناك آخرين..
لقد جاء علينا وقت كنا نسمع ونشاهد حلاق الرئيس يتحدث عنه في التليفزيون.. ومع احترامي له فإنها دعاية للحلاق وليست معلومات عن الرئيس السابق..
إن كتابة المذكرات مهمة "مقدسة" خصوصاً إذا ظهرت والرئيس مازال علي قيد الحياة.. فقد تعودنا أن نقرأ عن الرؤساء بعد وفاتهم. وبأقلام الخصوم والأصدقاء.. دعونا نجرب مرة ونقرأ عن العهد السابق بقلم محايد ومحترم وشاهد عيان في الوقت ذاته لا يقول: "سمعت" أو "علمت" ولكن "شاهدت" و"ناقشت" و"حضرت".
التصويت علي الدستور
يتوجه المصريون بعد غد للتصويت علي التعديلات الدستورية المقترحة التي صاغتها لجنة من جهابذة القانون الدستوري. ومع ذلك يبدو أن هناك فريقاً لا يستهان به يرفض هذه التعديلات.. فالموافقة علي هذه التعديلات يعني أن الأساس لانتقال آمن ديمقراطي للسلطة سيرتكز علي دستور ..1971 ومن ثم فإن هذا الدستور لا يصلح أن ينتخب علي أساسه رئيس الجمهورية القادم والبرلمان الجديد نظراً لأنه يمنح الرئيس الجديد نفس الصلاحيات المطلقة التي كان يتمتع بها الرئيس السابق.. وسيكون الرئيس القادم "السلطة التنفيذية" أقوي كثيراً من السلطتين التشريعية والقضائية..
لا بأس من الموافقة علي التعديلات بشرط أن يتم الإعلان عن موعد زمني محدد لانتخاب أو تعيين هيئة تأسيسية لصياغة دستور جديد يتم بمقتضاه انتخاب الرئيس والبرلمان. تنتهي في وقت محدد.. مبعث خوفي هو أن أحد نصوص التعديل الدستوري الجديد ينص علي قيام الرئيس والبرلمان بعد انتخابهما وليس قبله بتشكيل هيئة تأسيسية لصياغة دستور جديد لمصر.. فللرئيس "مع موافقة مجلس الوزراء" وللبرلمان حق تشكيل الهيئة إن توافقا علي ذلك. إلا أنهما ليسا ملزمين بتشكيلها!!.. وهذا يعني ببساطة شديدة أنه إذا تم انتخاب رئيس جديد يرغب في استمرار العمل بدستور 71 وكذلك البرلمان الذي ربما تكون أغلبيته من تيار ديني معروف. فمن المؤكد أن التحايل علي طرح دستور جديد سيستمر لسنوات طويلة..
من الخطورة أيضاً إجراء انتخابات رئاسية قبل البرلمانية علي أساس دستور 1971. لأن هذا سيعيدنا إلي المربع رقم واحد وانفراد رئيس جديد بالسلطة دون رقابة من هيئة تشريعية منتخبة من أطياف متعددة..
ميليشيات في مصر!
لا شك أن الخوف يسيطر علي كل بيت في مصر.. رغم كل النداءات التي وجهت للشرطة بالعودة لمواقعها مازال هناك أماكن خالية!!.. البلطجة فرضت سيطرتها. المصريون يقولون "يا روح ما بعدك روح".. هناك سلاح كثير ظهر في الريف والصعيد والقاهرة والإسكندرية.. سلاح قد يتحول في أيدي المصريين إلي أداة للدفاع عن النفس.. لكن في ظل الاحتقان الطائفي والتوتر والتوجس ربما يتحول من يمسكون بالسلاح إلي ميليشيات مسلحة كتلك التي يعاني منها لبنان.. الناس تتدرب الآن علي إطلاق الرصاص بدلاً من تعلم مهارات الكمبيوتر واللغات.. في بعض المناطق يباع السلاح علناً بأسعار رخيصة أو مرتفعة طبقاً لنوعيته وطرازه..
الناس تخشي علي أطفالها وبناتها مغبة أن يتم اختطافهم.. كل مدرسة تريد سيارة دورية أمامها.. جيراني المسيحيون بدأوا يركبون أبواباً من الحديد علي شققهم.. وكذلك المسلمون.. ماذا حدث للمصريين؟!.. لقد تعانق الهلال مع الصليب في ميدان التحرير ثم حدث ما حدث.. انتبهوا فمصر يغلفها خطر الانجراف إلي ميليشيات مسلحة.. سيكون في كل سيارة مسدس أو آلي بدلاً من طفاية الحريق.. الطرق السريعة لم تعد آمنة.. لا يستطيع أحد السفر الآن في نهاية الأسبوع والعودة بعد غروب الشمس.. مستحيل أن يشيع الأمان علي كل الطرق.. نريد أن نشعر به إذا ما صادفنا تهديداً.. أريد أن أصرخ قائلاً: "يا شاويش" أو "يا أمين شرطة" فأجدهم إلي جواري.. القادم سييء لأننا لم نعد نشعر بالأمان.. وبالمناسبة الثورة ليست مسئولة عن هذا الشعور. ولكن الشعب الذي عليه أن يبدي ترحيباً أكبر وثقة بالشرطة لتتجاسر وتبدأ ممارسة مهامها.. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق