الدعم.. ضمان معيشة آمنة لمحدودي الدخل
بدأ مع الحرب العالمية الأولى
دعم السلع الغذائية سياسة تحمي المواطنين من رتفاع أسعار السلع الأساسية وفي مقدمتها رغيف الخبز، بما يتيح الحد الأدنى من المعيشة الكريمة للمواطن. وهي نظام بدأ بمصر محدودا في أعقاب الحرب العالمية الأولى ثم الثانية ورسخ ضمن التوجه السياسي للدولة بعد ثورة يوليو/ تموز 1952 وتوسع في الستينيات وواجه أزمة في 1977 وتعد الحكومة في 2009 باستمراره وإصلاحه لضمان وصوله إلى مستحقيه.
آخر فاتورة بـ8 مليار
أظهر تقرير لوزارة المالية المصرية عن أداء الموازنة العامة خلال الفترة من يوليو/ تموز إلي أغسطس/ آب من العام المالي 2009/2010 ارتفاع إجمالي المصروفات العامة بنحو 26.1% لتصل إلى 47.4 مليار جنيه مقابل 37.6 مليار جنيه خلال الفترة نفسها من العام المالي 2008/2009.
فقد ارتفع الإنفاق على شراء السلع والخدمات بنسبة 20.6% مسجلة 2.2 مليار جنيه، وأرتفع إنفاق الاستثمارات العامة بنسبة 55% لتسجل 4.9 مليار جنيه، كما ارتفعت المصروفات الأخرى بنحو 7.7% لتصل إلى 4.3 مليار جنيه.
وارتفعت فاتورة الدعم والمنح والفوائد الاجتماعية بنسبة 6.6% لتصل إلى 8.1 مليار جنيه مقابل 7.6 مليار جنيه خلال الفترة من يوليو/ تموز إلي أغسطس/ آب عام 2008/2009.
ووفقا للحسابات الختامية المبدئية للموازنة العامة للعام المالي 2008/2009 - والتي سجلت عجزا نقديا قدره 71.9 مليار جنيه بنسبة 6.9 % من الناتج المحلي - بلغت فاتورة الدعم 93.8 مليار جنيه منها 21 مليار للسلع التموينية بزيادة 28.1% عن العام 2007/2008، وبلغ الدعم المقدم للمواد البترولية 62.7 مليار جنيه بمعدل نمو 4.1%، وبلغ الدعم المقدم لتنشيط الصادرات 4.2 مليار جنيه بمعدل نمو 115.3% مليار جنيه لدعم الصادرات بزيادة 115%، وزيادة في الإنفاق الاستثماري بنسبة 23.3%.
رسخ بعد ثورة 1952
الدعم بدأ في مصر في أعقاب الحرب العالمية الأولى، حيث دفع ارتفاع أسعار السلع الغذائية الحكومة إلى استيراد كميات كبيرة من القمح والدقيق من استراليا وبيعه في منافذ حكومية بأسعار مخفضة.
وبعد الحرب العالمية الثانية - ومنذ عام 1941 - طبقت الحكومة برنامجا لدعم المواطنين كافة، كإجراء مؤقت لتخفيف حدة الآثار السلبية للحرب على مستوى المعيشة، وذلك من خلال توفير بعض السلع والاحتياجات الأساسية مثل السكر والكيروسين وزيت الطعام والشاي باستخدام نظام البطاقة التموينية لتوزيع المواد على المستهلكين شهريا وبمقدار محدد للفرد.
وبعد ثورة يوليو/ تموز 1952، كان الدعم من أولويات الأجندة السياسية للدولة، حيث تتحمل الحكومة المسئولية عن تقديم الخدمات الاجتماعية الأساسية للمواطنين من صحة وتعليم، بالإضافة إلى دعم أسعار السلع الغذائية الأساسية والإسكان.
وفي منتصف الستينيات، ومع ارتفاع أسعار السلع ونقصها - خاصة بعد حرب 1967 مع إسرائيل - قدمت الحكومة نظام البطاقات التموينية لعدد محدود من السلع، بهدف توفير السلع الأساسية للمواطنين، ومنها القمح والسكر والأرز وزيت الطعام والصابون والكيروسين وبعض المنتجات القطنية، وبلغ إجمالي قيمة الدعم حينها نحو 9 مليون جنيها مصريا.
أزمة 1977
وفي السبعينيات، مع الانفتاح الاقتصادي، زادت قيمة الدعم وتوسع ليشمل عددا أكبر من السلع بلغت 18 صنفا منها الفول والعدس والأسماك والدجاج واللحوم المجمدة، بالإضافة إلى الكهرباء والنقل الداخلي والبنزين، مستهدفا المواطنين كافة وليس محدودي الدخل فقط، وفي عام 1970 بلغت قيمة الدعم 20 مليون جنيها، كان الجزء الأكبر منه مخصص للدعم الغذائي، والذي استحوذ على 75% من قيمته.
لكن في يناير/ كانون الثاني 1977 ومع قرار الحكومة برفع أسعار عدد من السلع (مثل الخبز الفينو، الدقيق، السكر، والأرز، والشاي) كجزء من الاتفاقات مع صندوق النقد الدولي في 1976 لتخفيض الدعم، تنفيذا لحزمة من الإصلاحات الاقتصادية، عبر الشعب عن رفضه الشديد للقرار وخرج إلى الشوارع فيما عرف بأحداث 18 و19 يناير 1977، ومن ثم تراجعت الحكومة عن قرارها وأعيدت الأسعار إلى ما كانت عليه.
الرغيف من قرش لـ5
مع بداية الثمانينات، ارتفعت قيمة الدعم الموجه إلى السلع التموينية لتصل إلى 1.6 مليار جنيه سنويا، نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية لمعظم السلع وزيادة السلع التي شملها الدعم.
وفي عام 1982، بدأ العمل بما سمي "بإصلاح نظام دعم السلع الغذائية"، من خلال إجراءات محددة، أولها التخفيض التدريجي لعدد السلع الغذائية المدعمة، ففي عام 1980 كان نظام الدعم يغطي نحو 20 صنفا، وفي الفترة ما بين 1990-1992 تم إزالة الدعم عن السمك والدجاج واللحوم المجمدة والشاي، والأرز. وفي 1996/1997 كان هناك 4 أصناف فقط مدعمة وهي الخبز البلدي، والدقيق البلدي، والسكر، وزيت الطعام.
ثم تخفيض عدد الأشخاص الذين يملكون بطاقات التموين والمستحقين للدعم الغذائي، ففي عام 1981 ومرة أخرى في 1994 قام وزير التجارة والتموين بتقليص عدد حاملي البطاقات. وتم خفض عدد المستفيدين من 99% في بداية الثمانينات إلى 70% في 1998.
وصنفت وزارة التجارة والتموين البطاقات التموينية إلى مجموعتين، البطاقات الخضراء وتستحق دعما كاملا يستهدف محدودي الدخل، والبطاقات الحمراء وتستحق دعما جزئيا تخصص لشرائح المواطنين أصحاب الدخل الأعلى.
وآخرها أن تعاملت الحكومة مع الدعم على الخبز باستراتيجية خاصة، حيث ارتفع سعر رغيف الخبز من قرش إلى قرشين في 1983/1984، وإلى 5 قروش في 1988/1989، كما نقص وزن الرغيف من 150 إلى 130 جرام.
وفي عام 1992 رفعت الحكومة الدعم عن الخبز ذو الجودة المرتفعة ثم اتبعت ذلك برفع الدعم عن الخبز الشامي، ليتم بذلك خفض عدد السلع المدعمة وكذلك قيمة الدعم الكلي.
15 مليون بطاقة جديدة
بيان الحكومة المصرية في 15 ديسمبر/ كانون الأول 2008 ذكر أن الحكومة نجحت في احتواء أزمة الغلاء - والتي نتجت عن ارتفاع غير مسبوق في الأسعار العالمية للطاقة والمعادن والسلع الغذائية الرئيسية – وذلك برفع المرتبات بمقدار 30%، ومضاعفة كميات السلع التموينية على البطاقات، وزيادة متوسط نصيب الفرد من الدعم السلعي والخدمي من 188 جنيها إلى 320 جنيها خلال عام واحد بنسبة 70%، وفتح الباب لتسجيل غير المقيدين على البطاقات التموينية لضم أكثر من 15 مليون شخص جديد للبطاقات، وزيادة اعتماد دعم السلع التموينية - شاملة الخبز - من 9.5 مليار جنيه إلى 21.5 مليار جنيه.
البيان أشار أيضا إلى تصدي الحكومة لأزمة الخبز – الناجمة عن الارتفاع غير المبرر في أسعار القمح - عن طريق زيادة اعتماد دعم الخبز من 7.2 إلى 16 مليار جنيه، وتنفيذ خطة لفصل الإنتاج عن التوزيع جغرافيا وزمنيا، شملت أكثر من 90% من مخابز الجمهورية، وزيادة كميات الدقيق للمخابز في المناطق التي تعاني من عجز بنحو 65 ألف طن دقيق في الشهر، ووضع خطة لتطوير صناعة الخبز وفتح العديد من مجمعات الخبز الكبرى التي تنتج 1.2 مليون رغيف في اليوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق