نجاح مسلسل " عايزة أتجوز" لمأخوذ عن مدونة الصيدلانية غادة عبدالعال،فتح نافذة للتعبيرعن هموم المرأة وأسرارها عبر مساحات مجانية على شبكة الانترنت ،تبوح فيها النساء بما يدور بوجدانهن دون قلق أو خجل ، حيث تسمح المدونات الالكترونية بإخفاء الأسماء و الأعمار الحقيقية.
وقد صارت صاحبتها التى بادرت منذ أغسطس 2006 بإطلاق مدونة تعبر عن البنات الباحثات عن شريك الحياه من (25 إلى 35 سنة ) من المدونات .
والآن نشرت غادة عبدالعال مدونتها فى كتاب بالعربي وقريباً بالإيطالي والألماني و الهولندي و الإنجليزي بعد أن حققت حلم ظهوره بمسلسل تلفزيونى ،أطلق العنان لغيرها من الصرخات النسائية عبر المدونات حتى تنطلق من الفضاء التخيلى الى رحاب الاعلام الجماهيرى.
كما تحولت المدونات الى ساحة لتوثيق قضايا المرأة ومناقشة القضايا المسكوت عنها مثل العنف الاسرى والثقافة الجنسية بلغة وفكر المرأة بلا خوف أو حرج .
ولأن المدونات في الأصل صفحات توفرها مواقع مجانية كموقع (Blogger) الشهير وتعبرعن أفكارأصحابها ،تسعى المؤسسات الثقافية القومية لادماج المدونين فى الفعاليات الجماهيرية لأنهم يعكسون وعى الجماهير بما فيه من انتقاد ايجابى وسلبى لحقوق وأوضاع النساء .
هموم المرأة .."دوت كوم"
ومن المدونات التى تحمل فكرة مماثلة للمسلسل ، مدونة "يوميات العانس" ، التى أسستها الكاتبة عبير سليمان وكتبت بالمدونة: " لسه فاكرة اليوم اللى جاتنى فيه الفكرة ،كان آخر ديسمبر 2007 ،و كنت مخنوقة و غضبانة و حاسة بالوحدة و الرغبة الشديدة فى الصريخ ، كنت مش قادرة أسكت أكتر من كده.أنا يمكن مش عانس حقود خلاص .. لكنى لازلت غاضبة و رافضة و ثائرة .. ثورة البنفسج ! ".
وقالت عبير سليمان لموقع أخبار مصر إن الاقبال كبير على زيارة مدونتها ،وتأثيرها واضح فى تعليقات الرجال والنساء وتعتقد أنه لايوجد تصنيف يسمى "مدونات نسائية" ،فسبق أن دافع الشاعر الكبير نزار قبانى عن المرأة وكتب عن مشاعرها فى قصائده ودواوينه .
وأضافت عبير أن كثيراً من الهموم المسكوت عنها تصل الى صانع القرار من خلال المدونات وخاصة اذا تم اثارة القضية عبر الصحف المطبوعة الأوسع انتشاراً أو القنوات الفضائية الأقوى تأثيراً .
وهناك أيضا مدونة "أفكار مبعثرة "عن المساواة بين الجنسين والهجوم على المرأة المتمردة ،ومدونات بالعامية تنتقد نمطية صورة المرأة العانس والزوجة وعوائق تحقيق أحلامها داخل الاسرة .
زنزانة راندا
راندا أبو الدهب ، مخرجة أفلام تسجيلية مثل "نساء على المنصة" ، أطلقت من خلال مدونتها "زنزانة " مقالات صارخة ضد القيود وثورة على التعذيب والاعتقالات .
وعن تجربتها ،قالت راندا :"بدأت التدوين بتعليقات واقتراحات على مدونة "كلنا ليلى" ،وبعد 6 أشهر تطوع عضو بتدشين مدونة وارسال "الباس ورد" لى ،وكانت بداية موضوعاتى مع طفل يبيع المناديل بعزة نفس ودون إلحاح فى حدائق المعادى ،والمدونة بها قضايا متنوعة لا تقتصر على مشاكل المرأة واحساسها بالقيود ،وقانون ذوى الاحتياجات الخاصة و الاصلاح السياسى والايدز .
ثورة "ليلى"
أما الانطلاقة الكبرى لمدونات الجنس اللطيف،فجاءت عبر ائتلاف المدونات " كلنا ليلى "للدفاع عن قضايا التمييز ضد المراة ،وقد رشحت فى اكتوبر 2008 كافضل مدونة عربية مهتمة بحقوق النساء .
وبدأت فكرة "كلنا ليلى" -حسب المدونة النسائية الأم- بـ"ليلى" واحدة تشكو وتبوح لـ"ليلى" أخرى ليزيد العدد لثلاث ،فأكثر من خمسين فتاة وسيدة مصرية وعربية ، اكتشفن -على اختلاف خلفياتهن وأفكارهن وأولوياتهن- أنهن كلهن في النهاية (ليلى)! .
وقد قمن بتدشين"مدونة عامة" أو "يوماً عالمياً" للمرأة المضطهدة في صورة ثورة نسائية على تقاليد المجتمعات العربية التي تعلي من شأن الرجل على حساب المرأة .
واستندت الثورة النسائية من خلال منتديات (كلنا ليلى) إلى قصة ليلى،بطلة فيلم "الباب المفتوح" للروائية لطيفة الزيات،وبطولة فاتن حمامة التي مثلت دور "ليلى" كنموذج للفتاة المصرية المقهورة ،وتمثل ليلى دور طالبة بالجامعة تعرضت منذ طفولتها لأشكال مختلفة من التمييز، لكنها ظلت مؤمنة بدورها كامرأة لا تقل أهمية عن الرجل، سواء في البيت أو العمل أو الدراسة أو القيام بواجبها الوطني.
لكن هذا لم يرض والد ليلى الذي يريد دائماً أن يفرض على ابنته الزواج بمن يريده، فتحاول تجاوز هذه التقاليد وتحقق ذاتها مع أحد رموز المقاومة الشعبية (حسين) أثناء فترة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، و جسد دوره لاعب كرة القدم الشهير صالح سليم.
ومع أن أصحاب المدونات النسائية المشاركات في اليوم العالمي سردن روايات كثيرة عن معاناتهن،تبدأ من مشكلات ركوب المواصلات العامة ودعوتهن للعودة الى بيوتهن،ولا تقف عند المعاكسات أو مشكلات العمل أو الزواج بالإكراه أوتوزيع الميراث، فقد شددت عدة مدونات على أن حرية المرأة لا تعنى الانفلات الأخلاقي.وتحولت مدونة "كلنا ليلى " مع اقبال الشباب على المشاركة التفاعلية الى موقع معقد تقنياً.
وسارت"ليال" البحرينية صاحبة مدونة باسم "إن كنت ذا رأي" على نهج"مدونة كلنا ليلى"، وحققت تواجداً ملحوظاً بين المدونات العربية خلال 6أشهر على الانترنت . وقادت "ليال "إحدى المبادرات الشهيرة بين المدونات العربية أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان 2006، روجت خلالها ليوم تنشر فيه المدونات العربية رسالة احتجاج موحدة مكتوبة ب7 لغات، بهدف التأثير على الزوار، وتعتبر"ليال" أن مدونتها أمر شخصي، ولا ترغب أن يعرف أحد هويتها رغم علم أسرتها.
أما المدونة السعودية "هديل"، فقد اختارت أن تكتب عن موضوعات شائكة،ولم تخف قلقها من فتح هذه الموضوعات، مثل حاجة المرأة السعودية إلى ولي شرعي "ذكر" من أسرتها يرافقها ،ومشكلة بطالة الخريجات الجدد.
وعلى نهجها ،سارت فتاه اخرى من مصر ،ناقشت مدونتها القضايا الشائكة، حول الجنس والعلاقة بين الرجل والمرأة، و الطريف اختيارها "مكسوفة " اسماً لمدونتها على الإنترنت ،وقد تعرضت لمضايقات في البداية واتهامات بأنها "رجل" يتلاعب بمرتادي مدونته.
وبررت لجوئها إلى إخفاء هويتها وعمرها والكتابة باسم مستعار،فقالت: "إننا شعوب تدفن رءوسها في الرمال، وما أتناوله في مدونتي يحدث بيننا كل يوم لكنني كامرأة في مجتمع تحكمه معايير التخلف والازدواجية ،مازلت أخشي تقاليد القبيلة التي لن ترحمني، وسيأتي اليوم حتماً الذي سأظهر به إليكم جميعا بشخصيتي الحقيقية".
بداية المدونات
وعن تاريخ التدوين النسائى ، أضافت نيفين عبيد الباحثة بمؤسسة المرأة الجديدة أن نشأة المدونات المعبرة عن قضايا المرأة غير موثقة بدقة بسبب التعديل والتحديث المستمرلتواريخ التدوينات، ولكن البداية الحقيقية من تسعينيات القرن ال20 مع بروز تأثيرها منذ نحو 5 سنوات .
ومن أوائل السيدات المدونات بمصررحاب بسام التى كتبت" أرز باللبن لشخصين" على مدونة حواديت ،بينما كانت "بنات الرياض" للكاتبة السعودية رجاء الصانع من المبادرات الأولى لإصدار مدونة نسائية عربية فى كتاب .وحسب دراسة حديثة لمركز اتخاذ القرار بمركز معلومات مجلس الوزراء ،أضحت مصر من أكثر الدول العربية من حيث نسبة المدونات.
والمدونات بدأت فى الفضاء الافتراضى سياسية ولم تكن حكراً على الرجال ،وربما كانت مدونة "منال وعلاء" مثالاً لتعاون زوجين حقوقيين على استخدام التكنولوجيا فى فضح ممارسات السلطة.وانتقل تأثيرها الى الواقع حيث دعت الى مظاهرات "كنس السيدة" التى تبنتها حركات شبابية احتجاجية مثل شباب من أجل التغيير.
وأشارت نيفين الى نشر قضايا متنوعة على موقع مؤسسة المرأة الجديدة منها الختان التى لاقت صدى بعد تبنى مؤسسات الحكومة للحملة ضد هذه العادة الضارة ،مؤكدة أهمية التوثيق الآمن حتى لاتقع المدونات تحت طائلة القانون .
طاقة مشاعر
بينما ترى الناقدة والكاتبة الصحفية سناء صليحة أنه من الضرورى أن تعبر المرأة عن همومها وقضاياها الشائكة باسلوبها ولغتها الخاصة لتنقل طاقة المشاعر والمعانى الكامنة سواء للمرأة أوصانعى القرار، ولكنها عادة ماتواجه بالنقد والاتهامات بشكل يقيدها فى استعمال الكلمات ويجعلها فى موضع اتهام بالمجتمع الشرقى خاصة فى موضوعات الشرف والجنس .
لكنها تضيف أن المدونات التى تسمح بأسماء مستعارة أو بهامش من حرية التعبير وسعت هذه النافذة وشجعت النساء على التعبير بجرأة عن أفكارهن وعواطفهن دون حرج حتى يصل صوتهن للجمهور وللمسئولين لعلهن ينشرن ثقافة جديدة أو ينتصرن للمرأة فى ساحات جديدة . فقد ظهرت بعضها بأسماء وهمية مثل مدونات بهية والحرملك ولست أدرى للسرية والخصوصية وبعضها بأسماء صريحة كنوع من شجاعة المواجهة .
وأوضحت سناء صليحة أن الكتابة الالكترونية تستفيد من خبرة الكاتبات بالصحف المطبوعة فى مهارة المعالجة بلياقة ودون ابتذال ،وإن كانت التدوينات أكثر تحرراً من القواعد و"الكلاسيكيات"،وأكثر ثراءً من حيث فرص التفاعل والمعايشة بالوسائط المتعددة المعبرة بالصوت والصورة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق