مظاهرات فئوية لاقالة القيادات بمؤسسات العمل
هل يجوزانتخاب رؤساء المؤسسات
سقوط هيبة الكبار من تداعيات ثورة شباب 25 يناير فلم يعد الصغار يرون فى الكبار نماذج القادة والقدوة التى تجعلهم يطلبون رأيهم أوينتظرون نصيحتهم ولم يعدوا يحترمون قراراتهم ،ويتجلى هذا الوضع فى مواقف كثيرة داخل الأسرة والمدرسة والجامعة ومؤسسات العمل .
فمن يرهب رئيسه فى مؤسسة العمل الآن بعد أن اعترض الشباب على الرئيس السابق والحكومة والبرلمان ،وانتقلت شرارة الحرية للأجيال الأكبر.
ولم تقتصر المسألة على النقد أو توجيه الاتهامات أو المطالبة بالاقالة بل تطورالأمر ببعضالمظاهرات الفئوية الى الاعتداء بالضرب والقتل.
فعلى سبيل المثال شهدت شركة الغزل والنسيج بكفر الدوار أحداثاً مؤسفة الثلاثاء 22-02-2011 حيث قام العاملون بالشركة باقتحام مكتب رافت جنيدى نائب رئيس مجلس ادارة الشركة والعضو المنتدب واعتدوا عليه بالضرب داخل مكتبه حتى فارق الحياة متأثراً بعملية قلب مفتوح سبق أن أجراها وتم نقله لمشرحة مستشفى كفر الدوار العام.
وسبب الواقعة عدم الاستجابة لمطالبهم بتحسين أوضاعهم المعيشية وزيادة الأجور والحوافز وتثبيت العاملين المؤقتين .
ولكن حان الوقت لترسيخ ضوابط لاعادة الهيبة للرؤساء بأماكن العمل دون الاخلال بالديمقراطية أواهدار لحقوق المرؤوسين حتى تنتظم عجلة الانتاج .
البحث عن كبير
المهندس محمد محمود باحدى شركات الغزل والنسيج ،قال :"المدير اليوم يخشى غضب العاملين ويلبى مطالبهم دون مناقشة أو عقوبات ، وهذا الوضع للأسف يسيل لعاب الانتهازيين فى وقت يبحث فيه الجميع عن كبير كلمته مسموعة ، والحقيقة أن التفاوض اسلوب حضارى لكننا لم نتعلمه ولانثق به حتى الآن ولكن اذا كانت لنا تجربة ايجابية فى العهد الجديد ربما نتعلم الحوار والتظاهر السلمى وساعتها سيعود الاحترام المفقودة للقيادة النزيهة".
واقترح المهندس محمد انتخاب القيادات الادارية حتى تكون على دراية بفن التعامل مع المرءوسين وتحظى بقبول وثقة بما يقلل احتمالات حدوث اشتباكات أو اضرابات تعرقل العمل .واذا تبين للناس خطأ الاختيار يتم انتخاب قيادة جديدة فوراً .
أين .. العقوبات ؟
وهنا يوضح د. حمدى عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات للعلوم الادارية سابقا أن لوائح العمل تضع عقوبات على من يعترض أو يتطاول على رئيسه تصل الى الخصم والفصل بعد الاحالة للتحقيق بالشئون القانونية أو النيابة الادارية وثبوت الخطأ .
ولكن هذه التجاوزات والتعديات ناتجة عن فترة تسودها الفوضى والغياب الأمنى واللجوء الى التهدئة وبالتالى مدير الشركة أو المؤسسة يخشى تحويل المعتصمين الى التحقيق حتى لاتتصاعد مظاهرات زملائهم وتقف عجلة العمل ومن هنا تطاول البعض على رؤسائهم دون خوف من المساءلة .
ويدعود. حمدى الى التفاوض من خلال ممثلين لكل جهة فى اللجان النقابية واتحادات العمال مثلما دعا محافظ البنك المركزى ممثلى البنوك الى الاجتماع مع نوابه لحسم المشكلات .
ويضيف د. حمدى أن قوانين العاملين وادارة مؤسسسات الدولة لاتسمح بانتخاب المديرين لأن مصلحة العمل تقتضى اختيار الأكثر كفاءة وصاحب الخبرات التراكمية والا سنفتح الباب لصراعات اخرى بين أنصار هذا وذاك لأسباب شخصية أو وعود انتخابية ولكن يمكن أن يتم اعطاء وضع خاص لذوى الشعبية من الكفاءات المرشحة للقيادة .
وأكد أن الهيبة ستعود مع استقرار السلطة وعودة الشرطة وتفعيل القوانين واختيار قيادات جديرة بمواقعها وتحقيق مبدأ العدالة .
الهيبة فى الاعلام
ويرى د. مرعى مدكور أستاذ الاعلام باحدى الجامعات الخاصة أن ظاهرة اختفاء هيبة الكبار والقيادات منبعها المدرسة التى لايجد فيها الأولاد القدوة ولا يشعرون بهيبة المدرس ، وهى ليست جديدة لكنها برزت مع شجاعة الاعتراض والحرية بعد الثورة ونتيجة فراغ السلطة .
ويضيف د. " مدكور" أن الاعلام التربوى يلعب دورا فى استعادة روح الاحترام والثقة والهيبة بأساليب الاقناع وبث الثقة فى دور الكبار ورسم صورة مختلفة للعلاقة بين الأجيال فى مناخ مغاير لعلها تحيى قيم جميلة طالما افتقدناها مثل التفاهم المنطقى والاعتصام السلمى.
هذا غير تجاوزات الشباب على الانترنت التى لاتفرق فى السخرية بين كبير وصغير ،فعلينا أن نوعى المستخدمين بأن هناك ضوابط للنشر وأن النقد يختلف عن الاهانة والتشهير وأن المتهم برىء حتى تثبت ادانته وعلى الكبار احتواء طموح الصغار ،وعلى القيادات بأماكن العمل اثبات جدارتهم اذا أرادوا استعادة دورهم وهيبتهم .
بينما قالت د. سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس:" الشباب المتمرد يصعب على أسرته التعامل معه بالعنف والا سيفرض رأيه ويتهور من باب العناد ، فلابد من الحوار والصبر وتلبية المطالب المشروعة وهؤلاء الشباب علموا الكبار أن الضغط وسيلة ناجحة والتظاهر ينجح مع القيادات ومن هنا لم يعد هناك كبير يحسم الأمور .
ودعت د. سامية الى تعليم الشباب أدبيات التحاور و تبصيرهم بأن عليهم التزامات مثلما لهم حقوق ،وإلا سنفاجأ بجيل لايثق فى الكبار ويفتقد الحكمة ولاينصت إلا لمن فى سنه ويتبنى فكره دون قدوة .. فالمعتصمون لا يعبأون بوعود الكبار أو دعوات التهدئة وانهاء التظاهر ولكنهم ربما يستجيبون لصوت شباب الثورة ويعودون الى أعمالهم ويتنازلون عن مطالبهم الشخصية ،ويصبرون مهلة حتى تتحقق المطالب الفئوية المقبولة من أجل مصلحة مصر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق