بعد 30 عاما رئيسا.. اليوم محمد حسني مبارك متهم ماثل في قفص الاتهام.. مشهد تاريخي تابعه المصريون بل والعالم أجمع، ربما اختلطت فيه المشاعر عند البعض، لكنه مشهد هدّأ من نفوس أهالي الشهداء وأكد حق الشعب الذي خرج ثائرا في 25 يناير يريد إسقاط النظام ومحاكمة رموزه وأكبر رأس فيه.
وكما أبهر المصريون العالم بنموذج فريد للثورة السلمية التي أجبرت مبارك على التنحي في 11 فبراير 2011 ها هم يقدمون للعالم المثل بالمحاكمة العلنية للرئيس المخلوع ونجليه ووزير داخليته وعدد من مساعديه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم.
الخبير الإستراتيجي اللواء سامح سيف اليزل قال لموقع أخبار مصر www.egynews.net إن هذه المحاكمة بددت نظرية المؤامرة التي روجها البعض مؤخرا وأثبتت أن المجلس العسكري أوفى بما قال، ووصفها الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية د. حسن أبوطالب بالنقطة الفاصلة بين عصرين؛ لينتهي بها عصر مبارك بصورة كاملة.
المجلس العسكرى
الخبير الإستراتيجي اللواء سامح سيف اليزل قال إن أكبر نتيجة حققها ظهور الرئيس المخلوع حسني مبارك ومثوله أمام المحكمة مع نجليه علاء وجمال ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي تمثلت فى إجهاض كل المحاولات التي كانت تسعى من خلالها بعض القوى السياسية للوقيعة بين الشعب والمجلس العسكري والتي كانت قد وصلت إلى حد التشكيك في المحاكمة وهو ما ثبت عدم صحته.
وأضاف أن هذه المحاكمة هي أكبر دليل على أن المجلس العسكري "قال وأوفى بما يقول"، مشيرا إلى أن مشهد المحكمة اليوم أثبت أنه "ليست هناك أية صفقات أو خطط، وأن نظرية المؤامرة الموجودة بين بعض الطوائف في المجتمع المصري خاطئة".
وقال اللواء اليزل إن هناك نتيجة أخرى لهذه المحاكمة وهي أن نفوس أسر وعائلات الشهداء الذين سقطوا أثناء الثورة بدأت تستريح اليوم بمشاهدة أكبر رأس في الدولة ورجاله يحاكمون.
نقطة فاصلة
من جانبه قال الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية د. حسن أبوطالب إن هذه المحاكمة تقدم نقطة فاصلة بين عصرين، فقد أنجز الشعب المصري إنجازا كبيرا في 25 يناير بثورته، وكذلك في 11 فبراير بتنحي مبارك، لكن بمشهد المحاكمة اليوم ينتهي عصر مبارك بصورة كاملة وتبدأ مصر عصرا جديدا، معربا عن أمله في أن "تصل كل القوى السياسية إلى توافق مطلوب يؤدي إلى بناء ديمقراطي يضع مصر على طريق النهضة".
وأضاف أن بمحاكمة مبارك أثبت الشعب المصري أنه قادر على محاسبة رئيسه رغم كل الصلاحيات التي منحها له الدستور ورغم كل الاستبداد والفساد الذي أحاط به خصوصا في الـ 10 سنوات الأخيرة، وقال "إن الشعب المصري اليوم استطاع محاكمة الفرعون الأخير له".
وقال إن مصر تقدم هذا النموذج للمجتمعات العربية لتؤكد أن الشعوب إذا أرادت فعلت المعجزات؛ فسقوط مبارك ونظامه معجزة كبيرة حدثت بتوفيق من الله وبإرادة الشعب.
كما اتفق د. حسن أبوطالب مع اللواء سيف اليزل فيما حققته هذه المحاكمة من تعزيز للثقة في المجلس العسكري الذي يدير البلاد حاليا، وقال إن "المحاكمة أنهت عدة شكوك راجت في الآونة الأخيرة أبرزها كانت موجهة للمجلس العسكري تتهمه بالتواطؤ والالتفاف على الثورة ومطالبها"، مضيفا أن مشهد المحكمة اليوم أكد أن المجلس العسكري أمين على الثورة وليس فقط حاميا لها وإنما هو شريك فيها، وأصبح مؤهلا الآن إلى مزيد من ثقة الشعب فيه "ليعبر بنا المرحلة الانتقالية وصولا إلى انتخابات حرة ونزيهة وشفافة."
ووصف د. أبوطالب محاكمة مبارك ونجليه ووزير داخليته بأنها واقعة غير عادية، "وتؤكد أن في مصر قضاء شامخا وعادلا ونزيها؛ حيث شعر الكثيرون بالاطمئنان وبأنه سيعطي كل ذي حق حقه بمن فيهم المتهمون ليلاقوا العقاب المناسب على الجرائم التي اقترفوها.."
وأضاف أن بهذه المحاكمة تؤكد مصر وجود معنى جديد للمواطنة فيها والتي لا تفرق بين مسئول ومواطن عادي؛ فها هو الشخص الذي حكم مصر 30 عاما يقبع الآن متهما؛ فلا تفرقة بين مصري وآخر تحت أي ظرف، مشيرا إلى أن محاكمة الرئيس المخلوع ونجليه ورموز نظامه تعطي الأمل لكل المصريين بأن الغد أفضل من اليوم.**
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق